بصوت طفولي بريء حكت الظبي المهيري عن أحلامها خلال مقابلة لها مع منصة بلقيس
قالت:" أريد أن أصبح عالمة ورائدة فضاء، وأريد أن أسافر حول العالم لأساعد الناس كي يكتسبوا المعرفة ليطوروا أشياء جديدة مازالت غير موجودة في عالمنا. وأريد أن يحكي الناس قصصهم ويعبروا عن مشاعرهم ليتمكن الآخرين من مساعدتهم".. إنها أصغر ناشرة باللغتين العربية والإنجليزية بموسوعة غينيس للأرقام القياسية.
بدأت هذه الطفلة الإماراتية تعلم الحروف في سن الثلاث سنوات وبدأت أيضا تكتشف العالم من حولها، وتعلق قلبها بالأرض والطبيعة فأصبحت تسأل "عن سبب رؤية الأرض كروية في الصور وهل نمشي على أرض مسطحة؟ وعن مصدر الطاقة الذي يجعل سفينة الفضاء تقلع؟ وعما وراء السماء؟.
لمست والدة الظبي "موزة الدرمكي" أن ابنتها تفكر بشكل مختلف عن باقي الأطفال وهي لم تتجاوز حينها الخامسة من عمرها. فقررت ألا تجيبها فقط عن أسئلتها وإنما كانت تبحث معها في الكتب وتغذي فضولها بمعلومات جديدة لتحفز ابنتها على التفكير بأسئلة جديدة. فأصبحت الظبي تعي أن الكتب عالم كبير من المعرفة والشغف فقرأت 1200 كتاب وهي مازالت في السادسة من عمرها.
بالإضافة إلى حب البحث والمعرفة كانت الظبي تهتم بمشاركة شغفها بالقراءة وتحب مساعدة الآخرين. فكانت تحزن حين ترى بقية الأطفال مشغولين بالأجهزة الذكية وهي دائما تحمل بين يديها كتابًا، فهداها عقلها البرئ إلى فكرة نيرة.
تقول والدة الظبي "بدلًا من أن تستسلم لعالم الأجهزة الذكية قررت الظبي أن تجذبهم إلى عالمها، فطلبت مني أن نحضر صناديق ونضع فيها كتب وألعاب تعليمية وأخذت الصناديق معها لبيت العائلة" وأمام فضول الأطفال في بيت العائلة، طلبت منهم أن يتخلوا عن الأجهزة الإلكترونية لبعض الوقت حتى يكتشفوا ما في الصناديق. وفعلا نجحت فكرة الظبي واستمتع الأطفال بالكتب والألعاب وكانت تلك الفكرة بذرة لمشروع "ريمبو تشمني"!
لم تكتفي الظبي بالإنجاز الذي حققته مع أطفال عائلتها وإنما عادت إلى والدتها وطلبت منها أن يجهزوا المزيد من الصناديق لباقي الأطفال. ومن هنا وبمساعدة أسرتها أنشأت هذه الطفلة الطموحة مكتبة ودار نشر" ريمبو تشمني".
وحين نقول "أنشأت" فنحن هنا لا نبالغ بالوصف، فالظبي هي صاحبة الفكرة وهي التي تختار الكتب، فعلى أساس مراجعاتها تقتني الدار الكتب، وهي التي ترفع الكتب على منصة الدار وهي أيضا وبمساعدة والدتها تسعر الكتب. وقد كرمتها مدرستها بلقب "أصغر رائدة أعمال" وهي في السادسة من عمرها.
تضيف والدة الظبي" كل شيء يخص هذا المشروع من روح الظبي فشعار " ريمبو تشمني" من اختيارها، والألوان هي ألوانها المفضلة وحتى الرسومات المنقوشة على الصناديق اقتبست من رسوماتها". وعن الشعار فقد اختارت الظبي "ريمبو أو قوس قزح" لأنها تحب الألوان و "تشمني" هي أغنية من فيلم مقتبس عن كتابها المفضل "ماري ببنز".
كان موضوع أول صندوق للمكتبة ودار النشر عن الفضاء، لأن الظبي تهتم بالفضاء، ثم صندوق عن الطبيب الصغير، ثم صندوق تراثي لليوم الوطني. وبعد ذلك أصبح الأهالي يطلبون صناديق مخصصة بحسب عمر الطفل وحاجته، فأصبحت المكتبة تقدم كتب بخمس لغات من أكثر من 15 دار عالمية. لتغطي احتياجات الأطفال من عمر أشهر إلى 13 عام، بالإضافة إلى كتب للمكفوفين وأطفال صعوبات التعلم والتوحد وغيرها.
شاركت الناشرة الصغيرة في محافل مختلفة، أولها معرض الشارقة للكتاب في دورته الأربعين حيث حضرت مؤتمر للناشرين الإماراتيين وأهدتها سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي لقب "أصغر ناشرة إماراتية". ثم شاركت في معرض إكسبو2020. بعد ذلك تلقت دعوة من سيدات أعمال الشارقة للمشاركة في مسابقة "بيرل كويست" المخصصة لرائدات الأعمال والشركات الناشئة. وفازت الظبي بالمركز الثاني في المسابقة. بالإضافة إلى مشاركتها في مهرجان الطفل القرائي وفي معرض أبو ظبي الدولي للكتاب.
هذه العيون الصغيرة أصبحت تتطلع إلى أبعد من وطنها الإمارات لأنها وبحسب تعبير والدتها " تريد من الجميع أن يعرفوا عن مشروع ريمبو تشمني وتريد أن تذهب للناس الذين لا يستطيعون أن يصلوا إليها"، فقررت الظبي أن تكتب تجربتها في قصة. ثم عرفت عن موسوعة غينيس للأرقام القياسية فأرادت أن تصل للعالم من خلال الموسوعة.
تقول والدة الظبي " فكرنا في صعوبة الأمر، مع هذا تواصلنا معهم وكانوا متعاونين للغاية ومتحمسين لموهبة الظبي، لكن كان هناك بعض الاشتراطات". فقد طلبت غينيس ألا يتدخل أحد في القصة وأن يتم بيع 1000 نسخة من الكتاب في فترة محددة.
بالفعل كانت الظبي مسؤولة عن كل ما يخص القصة حتى أنها شاركت في اختيار الرسومات والتغليف وحتى بيع الكتاب وقد نشر كتابها في السابع من شهر يوليو 2022. وحققت الحالمة الصغيرة هدفها وسجلت اسمها كأصغر ناشرة في العالم باللغتين العربية والإنجليزية في سن السابعة و360 يومًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
" الإنجاز" هذه الكلمة التي عبرت بها موزة والدة الظبي عن شعورها نحو ابنتها، حيث قالت " عندما أرى ابنتي التي مازالت في أول عمرها وقد حققت كل هذا، أشعر بالأمل نحو مستقبل واعد ليس لنفسها وعائلتها فقط، وإنما لبلدها ومجتمعها وللعالم بأسره".
تضيف الأم: "حين أتحدث عن عائلة إماراتية تسخر وقتها وطاقتها في مشروع لتحقق شغف طفلة، أنا أتحدث هنا عن عائلة متحابة مترابطة عينها على المستقبل تحترم فكر الأطفال، وكل هذا هو رسائل يصدرها المشروع للمجتمع".
وعن مشاريع الظبي القادمة تقول والدتها إنها تعمل الآن على مبادرة "كتب من الأطفال للأطفال" تتبنى من خلالها الكتاب الصغار حيث تتكفل بنشر كتبهم بهدف إنشاء جيل جديد من الكتاب والناشرين. بالإضافة إلى أنها بصدد إصدار كتاب جديد.
بعد هذه القصة الفريدة لم نستطع أن ننهي حوارنا مع والدة الظبي دون أن نسألها عن السر وراء هذا الإنجاز فأجابت "كل طفل موهوب في شيء ما، وبالملاحظة يستطيع أن يكتشف الأهل موهبته، ويكمن السر في تغذية هذه الموهبة، حتى يصبح لدى الطفل ثقة أنه يسير في الطريق الصحيح" وتضيف الأم:" الجيل الصاعد سيكون مختلفًا لأن المعرفة متوفرة وكل ما على الأهل هو بناء مهارات أبنائهم ومتابعتهم".