حين كانت الفتيات الصغيرات يلعبن بالدمى، كانت سعاد الشامسي تلعب بالطائرات، وهنا كانت بداية اكتشاف الشغف. ففي عام 1990 كانت أول مرة ركبت فيها سعاد الطائرة في رحلة عائلية إلى القاهرة. كانت مبهورة من هيكل الطائرة وأجنحتها الضخمة. واستطاعت أيضا في تلك الرحلة أن تتحدث إلى الطيار، وتطلب منه أن يشرح لها عن أجزاء الطائرة.
هذه التجربة حددت ملامح اهتمام الشابة الصغيرة وقتها أكثر، وعندما تخرجت من المرحلة الثانوية أصبحت متأكدة تمامًا أنها تريد أن تصبح مهندسة طائرات، وكان ذلك الأمر هو التحدي الHكبر في حياتها.
لم يكن دخول مجال هندسة الطائرات متاحًا لها في ذلك الوقت، فأمضت سنة ونصف تحاول طرق كل الأبواب الممكنة، لكن بدون جدوى. فالتحقت بكلية الهندسة. تقول سعاد:" إن صوتًا داخليًاً كان يكرر عليها،هذا ليس حلمي". ومن الطريف أنها في ذلك العمر ، كانت تجمع مصروفها سرًا وتعطيه لصاحب كراج سيارات حتى يعلمها تصليح السيارات. وخلال تلك الأيام حصلت صدفه أشبه بالمعجزة.
في كراج تصليح السيارات قابلت شخص تعاطف مع قصتها وقرر أن يساعدها للاتصال بسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي قال لها " لا شيء مستحيل". وبعد 10 أيام تواصل معها "برنامج إعداد القادة " ليخبروها، أنها ستسافر إلى المملكة المتحدة لتدرس التخصص الذي طالما حلمت به.
تعد الشامسي أول مهندسة متخصصة في قطع هبوط الطائرة على مستوى الإمارات، وأول باحثة عربية في مجال الطيران، ومستشارة طيران الاتحاد في مشروع مطار أبو ظبي الدولي، وتمتلك الآن خبرة تفوق العشرين عام في هذا المجال.
وبدأ مشوار سعاد الشامسي مع " معشوقتها الطائرة" كما تحب أن تطلق عليها، حيث حصلت من جامعة كوفنتري على درجة البكالوريوس في إدارة هندسة الطيران إلى جانب دبلوم عالي في هندسة الطيران من جامعة هارتفوردشاير في المملكة المتحدة. كذلك حصلت على درجة الماجستير في إدارة الطيران من المملكة المتحدة ودرجة الدكتوراه من الأكاديمية الأمريكية للدراسات المتخصصة في نفس التخصص.
و حصلت د. الشامسي على دكتوراه فخرية من الأكاديمية الأميركية للدراسات المتخصصة في مصر تقديرًا لجهودها في تمكين المرأة في قطاع الطيران عامة وهندسة الطيران خاصة. فهي من مؤسسي فرع الشرق الأوسط لجمعية المرأة في الطيران، إضافة إلى عضوية جمعية خريجين الإمارات في المملكة المتحدة. وتهدف سعاد إلى تشجيع الفتيات على الانضمام إلى صناعة الطيران ليكن عضوات فاعلات في الإمارات والعالم العربي.
وبرغم الإنجازات فقد واجهت سعاد الكثير من التحديات. أكثرها شراسة كان خوض مجال يهيمن عليه الرجال وفي كسر القالب الذي يرى عدم أهلية عمل المرأة في المجال الميكانيكا. مما زادها إصرارًا لتثبت أن المرأة إذا أرادت فهي قادرة على العمل والنجاح والمحافظة على أنوثتها، وعاداتها وتقاليدها.
حصلت د. سعاد الشامسي أيضا على عدة جوائز منها جائزة "شي بيزنس العالمية" والتي تم تنظيمها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 2021. كذلك فهي عضو في لجنة التحكيم لجوائز "جيمس دايسون "2022 في الشرق الأوسط.
ورغم هذه الحياة المليئة بالإنجازات في مجال هندسة الطيران، فقد اتجهت الشمسي أيضا إلى المجال الأدبي، حيث كتبت 6 روايات، تصفها بأنها متنفس لمواجهة للتنمر الذي تعرضت له، خلال رحلتها المهنية التي كانت مليئة بالتحديات.