تقول هديل لبلقيس: "في عام 2014 التفّ حولي العديد من الشباب والفتيات وأطلقوا عليّ لقب سفيرة الحرم، واستضافتني إحدى الإذاعات السعودية، وتحت وسم سفيرة الحرم في تويتر أصبحت الفكرة مشروعًا للتطوع".
لكن هذه ليست بداية القصة، فحكاية هديل بدأت منذ فتحت عينيها على الحياة، فكان الحرم هو صورتها الأولى، لاختيار جدها بيتًا قريبًا من الحرم، وحتى أن مدرستها قد جاورتهُ، تقول: "كنتُ أسمع آذان الظهر أثناء اليوم الدراسي"، وفي أيام الاثنين والخميس كانت تذهب مع مربيتها للإفطار في الحرم، كل تلك الذكريات شكلتها وعلقت في ذهنها حتى الكبر.
وفي عمر الثامنة عشر كانت هديل أول فتاة من أسرتها تتطوع لخدمة ضيوف الرحمن، تساعد كبار السن في الطواف، وتجيب عن أسئلتهم وتفعل كل ما بوسعها لراحتهم، تقول هديل: "أحبُّ رائحة الحجّاج، وأحبُّ أن أرى أقدامهم المتلاصقة وهي تطوف حول الكعبة".
انضم لها الكثير من الفتيات والشبان، وقدمت لها إحدى المطاعم وجبات مجانية لزوار الحرم، تحكي فتقول: "لازلتُ أتذكر أول حملة تطوعية كبيرة قمنا بها، كنتُ أقفُ في إحدى زوايا برج الساعة وحولي 60 شابًّا، و 60 فتاة، أشرح لهم تفاصيل مهمتهم وهي مساعدة النساء من دار المسنين للقيام بفريضة العمرة".
أصبحت هديل بعد ذلك تعمل في خدمة ضيوف الرحمن من المسلمين الجدد، فترافقهم في المسجد الحرام ثم تتجول بهم في المشاعر المقدسة وأماكن مختلفة في مكة، وكانت تشعر أن الرهبة والخشوع التي تملئها في رحاب بيت الله، هي أمانة يجب أن تصل لكل المسلمين.
تذكر لبلقيس أحد المواقف المؤثرة لها وتقول: "رافقنا ضيوف من منتدى مسك العالمي، وحينما انتهوا من أداء العمرة، أردنا أن نرافقهم إلى جبل النور، لكنهم رفضوا أن يكملوا الجولة، فقط أرادوا البقاء في الحرم لتكون أعينهم معلّقة على الكعبة، وقالت لي أحدهم: كيف تستطيع الكعبة بلونها الأسود أن تضيء العالم بأسره!".
توسع العمل الذي تقوم به هديل مع المتطوعين، فأصبح يتواصل معها العديد من الأشخاص حول العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يطلبون منها أن تقوم بعمرة لفقيد لهم، وبالفعل يتطوّع الشبان والفتيات للعمرة، ويصورون ورقة باسم الفقيد عند الكعبة، "فهؤلاء الأشخاص الذين باعدت المسافات بينهم وبين أملهم في زيارة بيت الله الحرام، يبكون فرحًا حينما يعرفون أن أحدًا ما قد تطوع للقيام بالعمرة لفقيدهم.. وقد وصلت عدد العمرات التي قام بها المتطوعون إلى خمسين عمرة! لكن للأسف بعد الجائحة لم يستطيعوا الاستمرار على هذه الوتيرة، لكنهم ما زالوا يقومون بالعمرات التطوعية على حسب استطاعتهم" تقول هديل.
ولأن التطوع عند الشبيلي هو أسلوب حياة؛ استمرت في طرق أبواب تطوعية جديدة، كزيارة دور المسنين وإسعادهم بالهدايا البسيطة، والترفيه عنهم.
تؤمن هديل بأنّ كونها ابنة مكة هو شرف كبير، ومسؤوليتها أن توضح لكل الناس أن سعيهم في الأشواط السبعة بين الصفا والمروة هو رمز للسعي في الحياة، وأن توجههم لبيت الله بقصد العمرة أو الحج هو ماعليهم أن يفعلوه في كل لحظة، أن يتوجهوا لله في كلّ حياتهم.