خرج قائد الطائرة من مقصورته متوجهًا إليها ومرحبًا بها، حاول الركّاب التعرّف عليها، فالتفت إليهم قائلًا: "هذه أمي الثانية"؛ فهو خريج أكاديمية الملك فهد في لندن وهي من مؤسسي الأكاديمية وأول عميدة لها.. لقد كانت الدكتورة السعودية ابتسام البسّام على متن الرحلة.
عاشت فترة حياتها الأولى في القاهرة حيث كان والدها الدكتور عبد الرحمن البسّام مستشارً شؤون الجامعة العربية بالسفارة، لكنه انتقل لعدة دول أخرى في مناصب دبلوماسية، فأصبحت ابتسام تقضي السنة الدراسية في القاهرة ثم تلحق بوالدها في الإجازات الصيفية.
حدثاها والداها عن السعودية وغرسَا فيها حب الوطن، كبرت ابتسام والتحقت بجامعة عين شمس المصرية، وحصلت على ليسانس الآداب من قسم اللغة الإنجليزية.
سافرت إلى الولايات المتحدة وحصلت على الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة بورتلاند، ثم الدكتوراه من جامعة متشجن في تخصص الأدب الإنجليزي وتخصص الإدارة والتعليم العالي.
أصبحت ابتسام أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أجنبية؛ وبرغم أنها عاشت حياتها خارج السعودية، وعُرض عليها العمل في الجامعة التي تخرجت منها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها عادت لبلدها.
كان أول منصب أُسند إليها هو رئاسة قسم اللغة الإنجليزية في كلية التربية للبنات في جدة، ثم انتقلت إلى الرياض لتصبح أول عميدة سعودية لكلية التربية، أول كلية تعليم عالي للبنات سنة 1983.
اقتحمت ابتسام البسّام عالمًا اقتصر على الرجال في ذلك الوقت، لكنها حرصت أن تتلقى الطالبات تعليمًا يوازي تعليمها في الخارج،؛ ولأن عمرها كان مقاربًا لأعمارهنّ فقد كانت قريبةً بالنسبة إليهنّ، وقدمت أول دفعة من الطالبات السعوديات الحاصلات على درجة الماجستير، وهذا أمرٌ مميز خلال رحلتها التعليمية.
بعد مرور فترة من عملها في الكلية، طلبت الدكتورة ابتسام إجازة تفرغ علمي لمدة سنة لتسافر إلى الخارج، وفي هذا الوقت تعرّفت على فكرة الملك فهد رحمه الله لإنشاء أكاديمية في لندن، لِتوفير التعليم المناسب لأبناء السعوديين، وقد اختبرت الدكتورة ابتسام البعد عن والديها في صغرها، والعيش مع أجدادها بدلًا من ذلك لتتلقى التعليم المناسب.
طلبت الدكتورة ابتسام أن تتطوع مع مؤسسي الأكاديمية، والتي أصبحت على أرض الواقع "أكاديمية الملك فهد" عام 1985، وأصبحت أول عميدة لها؛ وكان نجاح الأكاديمية كبيرًا ليس فقط على المستوى المحلي بل ذاع صيتها في بريطانيا أيضًا، وقد عملت فيها لمدة 10 سنوات، شعرت بعدها أنّها تود الانتقال لمهمّة مختلفة تخدم بلدها من خلالها.
تمثلت مرحلة الدكتورة ابتسام الجديدة في العمل باليونسكو، وأصبحت أول امرأة خليجية تعمل في هذه المنظمة، وخلال 11 عامًا من عملها أسّست قسمًا للمعلمين، كما عملت مستشارة نائب المدير العام للتربية، والذي اختبرت فيه العمل مع العديد من الجنسيات المختلفة، ثم انتقلت للعمل في السفارة السعودية في مجال تخصصها.
كانت حياتها حافلة مليئة بالعطاء، فقد حوّلت كل العوائق التي واجهتها في تلك الفترة إلى درجاتٍ من النجاح.